ربما كان من أبرز مفاجآت انتخابات السلطات المحلية، الانقلاب الذي حدث في قرية يافة الناصرة، وفوز المرشح ماهر خليلية برئاسة المجلس المحلي في الجولة الأولى على مرشح قائمة "الجبهة" التي تربعت على عرش الإدارة المحلية منذ أكثر من 45 عاما.

وقد تميزت الانتخابات في يافة الناصرة بالهدوء والنظام، ليتضح لاحقا أن روح التغيير كانت تجتاح كل أحياء وشوارع القرية، حتى استيقظت البلدة في تاريخ 31.10.2018 على يوم جديد، أشرق فيه فجر "وحدة يافة".

ماهر خليلية، رجل أعمال ناجح، يدير العديد من المشاريع في مجال البناء والإعمار، وصاحب مكتب هندسة كبير. درس موضوع العلوم السياسية، خاض مجال السياسة المحلية منذ نحو 15 عاما، وأسس قائمته "وحدة يافة- ن" منذ قبل 10 سنوات، وفي العام 2013 دخل إلى المجلس البلدي كعضو في المعارضة حين حصلت قائمته على 4 أعضاء.

والتقى "عرب 48" الرئيس الجديد لمجلس يافة الناصرة، ماهر خليلية، في أول مقابلة له مع وسيلة إعلام بعد نجاحه الكبير والمفاجئ في الانتخابات الأخيرة.

"عرب 48": بداية، حدثنا عن المفاجأة، الانقلاب الذي كما يقال "طبخ على نار هادئة"؟

خليلية: طبعا، المفاجأة الكبيرة في يافة الناصرة جاءت نتيجة عمل شاق منذ ما يقارب 4 سنوات. نحن وضعنا خطة عمل لحصد هذه النتيجة، وعملنا بشكل هادئ وبالتنسيق مع عدة شخصيات في يافة الناصرة. وضعنا خطة حول مبنى المجتمع اليافاوي والعائلات فيها، وقمنا بالتداول حول استقطاب أكبر عدد ممكن من الشرائح غير المنتمية حزبيا، وحاولنا أن نؤثر في كل زاوية، وطبعا نحن أدخلنا في قائمتنا البث المباشر على شبكة التواصل ونقلنا كل الجلسات، حتى العادية منها، لكي يكون المواطن اليافاوي على اطلاع على كل خطواتنا بشفافية وشريكا في الإدارة المحلية. على مدى سنوات طويلة كان المجلس المحلي في يافة الناصرة "علبة مغلقة" لا يعلم المواطن اليافاوي ما يحدث بداخلها. نحن حاولنا أن نوضح للجمهور ما هو واجب ومهام المجلس المحلي تجاه المواطن، ولكي نكون واضحين فإن المجلس المحلي هو عبارة عن مؤسسة صغيرة تعالج فيها كل القضايا التي تهم المواطن في يافة الناصرة، وعلى مستوى المجتمع العربي هي أكبر مؤسسة مشغلة وتعالج قضايا البناء والتطوير والعنف، وطبعا بناء الإنسان وجهاز التعليم وما إلى ذلك. وكما قلت فإنه من خلال التفاف مجموعة شخصيات حول القائمة قمنا بوضع خطة من وجهة نظر مشتركة يكون فيها المواطن اليافاوي في المركز ويقارن بين ما كان وما سيكون، وأن يكون شريكا في التغيير. والحمد لله، نحن استطعنا إيصال هذه الرسالة، وتمكنا من أن نطلع المواطن اليافاوي على أهدافنا. هذا المواطن هو من قرر إحداث التغيير.

"عرب 48": هل كنت تؤمن بأن ذلك يمكن أن يحدث بهذه السهولة في الجولة الأولى؟

خليلية: بصراحة، منذ أكثر من سنتين قلت بأن الإمكانية واردة، والأمر ممكن. أعرف أنه ليس بالأمر السهل، لكن كان لدي إيمان مطلق، وقد كنت أحاول بث هذه الروح للأشخاص الذين عملوا معي، ولكي أكون منصفا بحق نفسي وبحقهم، أقول وأكرر أن هناك مجموعة شخصيات عملت معي وساندتني بشكل قوي. وحاولنا توسيع الدائرة وأصبحت تكبر حتى تحولت إلى كادر كبير، واليوم، جاءت النتيجة وحصدنا ثمرة هذا الجهد.

"عرب 48": كيف سينعكس هذا التغيير على المواطن اليافاوي؟

خليلية: نحن كان شعارنا "الفرق ماهر" ونقصد بهذا الشعار أنه لا بد أن يشعر المواطن بأن المجلس المحلي قريب منه ويعمل لصالحه ومفتوح لخدمته. ونحن نعلم بأن المواطن في يافة الناصرة خصوصا وفي المجتمع العربي عموما يحب أن تتعامل معه المؤسسة المحلية بشعور معين ومعادلات معينة، والنهج الاجتماعي مهم جدا للمواطن العربي، هذا النهج هو الذي سيميز تعاملنا مع المواطن لكي يشعر بأنه قريب وأن المجلس المحلي يحمل همه، ولا بد أنه سيشعر براحة نفسية وبأمان عندما تعمل الإدارة المحلية لصالحه ومن أجله. هذا هو الفرق، وسيجد الفرق أيضا في التعليم وتعزيز روح الانتماء لدى الطالب ولدى المواطن ولدى العاملين في المجلس المحلي، فعلى مدار السنوات السابقة كان في المجلس المحلي موظفون وشخصيات في مناصب عليا، لكن لم يكن هنالك عملا. والفرق هو أننا سنعمل بشكل مباشر أمام المواطن ونعالج القضايا بشكل عيني وجذري بدءا من النظافة، مرورا بأزمة السير وتنظيم عملية إخلاء النفايات، هذه الأمور تبدو صغيرة، لكنها مهمة جدا للمواطن، وانتهاء بالمشاريع الكبيرة وتوسيع المسطح وإقامة المتنزه العام، وبناء الإنسان الصالح الذي هو حلقة في المجتمع، وعندما يحب المواطن مجتمعه فإنه يحافظ عليه ويعطيه من قلبه، خصوصا إذا كان هذا المواطن من أصحاب الكفاءات فإنه قادر على العطاء. يافة الناصرة عائلة واحدة، لن تعد تعرف التمييز بين ابن عائلة أو ابن حزب أو فئة معينة، وسيوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، حسب قدراته وكفاءاته وطاقاته.

"عرب 48": كيف ترى المجلس المحلي بعد يوم من تسلمك الرئاسة؟ هل ستكون دعوة لائتلاف شامل؟ أم أن هناك قوى معينة هي الأقرب لرؤيتك؟

خليلية: القيادة الحالية للمجلس المحلي، الجبهة، تقود البلدة منذ أكثر من 45 عاما، بمعنى أن هناك أجيالا وخصوصا الشباب لم يشهدوا في حياتهم سوى قيادة جبهوية. فنحن سنعرض الشراكة على كل الفئات بشكل رسمي وسندعو لائتلاف شامل وشراكة على أساس مصلحة المجتمع اليافاوي وليس لاعتبارات جانبية. سنضع يدنا بيد كل من يرغب في خدمة المجتمع اليافاوي. وبكل تواضع أقول إن أهل يافة الناصرة شرفاء، وهم محترمون ويتمتعون بأخلاق عالية انعكست في الانتخابات كما شاهد الجميع، ويمكن التعامل معهم على قدم المساواة، وهذا يوفر أرضية خصبة للتعاون وبناء مجتمع صالح. وإذا عرفنا كيف نستفيد من الفرص ونستغل الطاقات فإننا سننهض في مجالات التعليم والبناء والرياضة وجودة الحياة وغيرها.

"عرب 48": كيف هي تركيبة المجلس المحلي في يافة الناصرة، لو نظرنا إلى قوة قائمتك "وحدة يافة" مقابل القوى الأخرى؟

خليلية: نحن اليوم حصلنا على رئاسة المجلس مع خمسة أعضاء، في مجلس مؤلف من 13 عضوا، وحصلت الجبهة على 4 أعضاء، وقائمة (ل م) معلول حصلت على مقعدين، وقائمة (ي ف) بمرشحها نقولا مسعد حصلت على مقعد واحد وقائمة (ز) بقيادة حسين خطيب، مقعد واحد.

"عرب 48": هل لديك تصور حول شكل الائتلاف المستقبلي؟

خليلية: في الواقع حتى اليوم لا زلت استقبل وفود المهنئين، وحتى الآن كان هنالك جس نبض عام، ولمست رغبة في العطاء لدى الجميع تقريبا. ولمست ارتياحا أيضا، ونحن في خضم تسلم المجلس المحلي في الواحد والعشرين من الشهر الجاري، وستكون جلسة افتتاحية لتسليم المهام، ومن الطبيعي أنني سأشارك في دورة إرشاد تجريها وزارة الداخلية للرؤساء الجدد تستغرق خمسة أيام، وأعتقد أنه خلال أسبوعين أو ثلاثة سننهي عملية المشاورات ونعلن عن تركيبة إدارة المجلس الجديدة.

"عرب 48": هنالك تخوف لدى بعض أهالي يافة الناصرة من عودة العائلية والحمائلية والفئوية، في ظل غياب حزب "الجبهة" عن الإدارة، ماذا تقول لهؤلاء؟

خليلية: التخوف أمر شرعي وهو جزء من طبيعة الإنسان، لكنني أعد أهالي يافة الناصرة جميعا، سواء أولئك الذين انتخبونا أو الذين لم ينتخبونا، وأقول لهم إن رئيس المجلس المحلي لجميع الأهالي، ويافة الناصرة فعلا تستحق أكثر، تستحق خدمة وشفافية وأنا جئت لأبني وأعمّر يافة وليس لتوزيع المناصب. ولن أخوض في الحديث عن تصفية حسابات وانتقام لأن هذه الكلمات ليست في قاموسي وليست في سجل كلماتي على الإطلاق وأرفضها. والجميع كان شاهدا على الاحترام المتبادل بيني وبين الرئيس عمران كنانة الذي أعتبره صديقا وزميلا، أدى دوره وقام بالمهام، وأنا ليس من طبعي توجيه الانتقاد للآخرين بل أفضّل الحديث عن المستقبل وعن المشروع الذي أحمله لبلدي "يافة إلى الأمام"، والذي سيرى النور في القريب العاجل، وسنعكس بصورة إيجابية على المجتمع العربي بأكمله.

"عرب 48": ما هي القضايا العينية والمشاكل الحارقة التي لا تحتمل التأجيل وتحتاج إلى علاج فوري في يافة الناصرة؟

خليلية: تطوير شبكة الشوارع وإيجاد مسارات أخرى بديلة للشارع الرئيسي المزدحم، تنظيم عملية جمع النفايات وتنظيف الشوارع، وأذكر أنه خلال الحملة الانتخابية شعرت أن هذه القضية تقض مضاجع أهالي يافة الناصرة، وبالمقابل تعزيز الشعور بالأمان والراحة النفسية لدى المواطن اليافاوي ومكافحة العنف. ثم الاهتمام بالتعليم ومنح وزن خاص وميزانيات خاصة لتطوير التعليم. جميل أن يكون لديك مدرسة واسعة ومتطورة، لكن الأجمل هو أن تحصل على التعليم اللائق من قبل معلمين ذوي كفاءات عالية.

"عرب 48": هل لديك انتماء حزبي، وكيف ستكون علاقتك مع لجنة المتابعة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية؟

خليلية: طبعا، نحن جزء من المجتمع العربي في الداخل، الذي يوجه تحديات ومعاناة خاصة. نحن نشارك ونشاطر شعبنا همومه ومشاكله، لكن دورنا المباشر يرتكز على خدمة المواطن اليافاوي. يافة الناصرة جزء من المجتمع العربي في الداخل، وبناء يافة قد ينعكس على المحيط من حولها، وأنا أقود قائمة "وحدة يافة" التي تأسست سنة 2008 كقائمة محلية غير حزبية، تجمع كل النسيج الاجتماعي وكل عائلات يافة، في فترة معينة كنت محسوبا على حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" لكن قائمتي، اليوم، غير حزبية وتأسست لهدف واحد هو بناء يافة الناصرة. بالنسبة لموضوع لجنة المتابعة، نحن على استعداد لتلبية نداء المتابعة والتعاون لخدمة المجتمع العربي عموما ويافة الناصرة على وجه الخصوص.

"عرب 48": البعض طرح شعار "يافة الناصرة... مشروع مدينة"، هل ستسعى إلى تحويل يافة الناصرة إلى مدينة وهل تملك هذه البلدة مقومات المدينة؟

خليلية: دعني أكون واقعيا، ولا أتبنى هذا الكلام قبل دخولي إلى المجلس المحلي. خدمة المواطن تعلو على تعريف البلدة إذا كانت مدينة أو قرية.

"عرب 48": في نهاية فترة المجلس السابق تم الإعلان عن مشاريع سكنية، وعن مشروع المتنزه العام بين يافة الناصرة و"مجدال هعيمك"، هل ستواصلون العمل على هذه المشاريع أم أنه في أولوياتكم مشاريع أخرى؟

خليلية: طوال السنوات الماضية كنا في المعارضة. روح الديمقراطية هي كلمة، ولكنها كلمة تحمل معنى، وبالمجمل العام تميزت الحقبة الماضية بوجود الرأي والرأي الآخر، ونحن كنا الرأي الآخر. لن أسمي ذلك معارضة وإنما رأيا آخر، ونهج المجلس السابق لم يكن يتلاءم مع رؤيتنا ولدينا خطة عمل أخرى. عندما كنا في المعارضة كنا نخلق مشاريع ونطرح مشاريع لم تلق آذانا صاغية، كان دائما لدينا البديل الذي نراه الأفضل. كنا نبث روح العمل في المجلس ونحن في المعارضة، ومشروع المتنزه العام هو أحد مقترحاتنا، وكذلك الملعب المشترك مع "مجدال هعيمك" والذي للأسف سيكون في المستقبل لمجدال هعيمك بعد أن خسرناه حسب معلوماتي، ولم أحصل على أجوبة من إدارة المجلس المحلي ولم أعرف لماذا تخلى عن ستاد كرة القدم. للأسف، هذه الوثائق كانت تغيب عنا بشكل متعمد وكنا نحاول أن نحصل على معلومات دون جدوى، واليوم سوف أقوم بالاطلاع على كل الخرائط والمخططات بشأن ملعب الكرة، ومحاولة تحصيل الملعب ليافة الناصرة. وبالنسبة للمشاريع التي نرى فيها مصلحة للبلدة سنواصل العمل عليها بكل تأكيد.

"خدمة المواطن تعلو على تعريف البلدة" - ماهر خليلية (تصوير "عرب 48")

"عرب 48": ما الفرق بين ماهر خليلية في المعارضة وماهر خليلية في الرئاسة؟

خليلية: ماهر هو ماهر، لكنه كان مقيدا في المعارضة وخارج الائتلاف. نحن القيادة، اليوم، وسوف نستوعب الجميع وسنبث روحا جديدة، روح العمل والعطاء والشراكة الحقيقية والتعاون حتى من خارج دائرة المجلس المحلي. جئنا مكلفين من أهالي يافة الناصرة لخدمتهم وليس من أجل المناصب، ونأمل أن نكون قادرين على صناعة الفرق والتغيير في يافة خلال السنوات الخمس المقبلة.

"عرب 48": هل فعلا رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، كان داعما لك في الحملة الانتخابية؟

خليلية: طبعا، علي سلام معروف بمواقفه المعادية للجبهة في كل مكان وهو لا يتردد في القول إنه سيقضي على الجبهة والحزب الشيوعي، ودعمه لي كان يقتصر على الدعوة للتصويت لماهر خليلية من خلال علاقاته مع الناس.

اقرأ/ي أيضًا | الرئيس المنتخب ماهر خليلية: يافة الناصرة قالت كلمتها